فضل انتظار الفرج ومدح الشيعة في زمان الغيبة للمهدي المزعوم وما ينبغي فعله في ذلك الزمان:
باب 22- فضل انتظار الفرج ومدح الشيعة
في زمان الغيبة وما ينبغي فعله في ذلك الزمان:
أورد المجلسيُّ في هذا الباب 77 حديثاً حسب الظاهر،
إلا أن الواقع أن معظمها مكرر إما في هذا الباب ذاته أو في الأبواب السابقة.
وطرح المجلسيُّ في هذا الباب موضوعين:
الأول فضيلة انتظار الفرج
والثاني مدح الشيعة والثناء عليهم.
إن ما يُسَلِّي جميع شعوب العالم التي تتعرض إلى المشقات والشدائد والابتلاءات هو الأمل بذهاب الشدائد وارتفاع البلاء وأن تكون تلك المشقات مؤقتة وانتظار الفرج من الله،
وهذا لا يختص بمجيء المهدي اُلَمتَخيَّل الذي لم نجد حتى الآن مستنداً [محكماً وموثوقاً]
على وجوده. كما أن كل ملة وفرقة سعيدة بعقائدها وأعمالها.هذا من جهة،
ومن الجهة الأخرى فإننا لا نستطيع أن نقبل هذه الأخبار والروايات التي جاء بها المجلسيّ
في هذا الباب لأنّ معظم رواتها أشخاصٌ مجهولو الحال أو كذابون أو ملعونون على لسان الأئمة
· مثل
أبي الجارود، أو هم من أتباع مذهب الفطحية أو الواقفة الذين لا يعتقدون بإمامة الإمام الحادي العشر ولا الإمام الثاني عشر بل ينكرونهما من الأصل،
أمثال الحسن بن علي بن الفضال
أو علي بن أبي حمزة البطائني وأمثالهما،
ولا يمكن لأي عاقل أن يثبت أمراً بأقوال أشخاص ينكرون هذا الأمر من أساسه.
وسنستعرض هذه الأخبار والأحاديث ونتبيّن أنها إما غير صحيحة، كما هو حال معظمها،
أو إن صحت فاستدلال المجلسي فيها في غير محله
أي أنه يستدل بها على أمر لا تثبته ولا تدل عليه، ولنرى أيضاً كيف تم اللعب بمعاني آيات القرآن الكريم وتفسيرها بأمور لا تدل الآيات عليها من قريب ولا من بعيد.
الحديث الأول:
«قَالَ الصَّادِقُ (ع) مِنْ دِينِ الأئِمَّةِ الْوَرَعُ والْعِفَّةُ والصَّلاحُ إِلَى قَوْلِهِ وانْتِظَارُ الْفَرَجِ بِالصَّبْرِ».
أقول:هذا الأمر عام في كل دين صحيح، فلا علاقة لمثل هذا بالمهدي [الحي المنتظر] ضرورةً.
الحديثان الثاني والثالث:
مرويان عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعن عليٍّ (ع) بأنَّ: «أَفْضَلَ أَعْمَالِ أُمَّتِي انْتِظَارُ فَرَجِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ» وأن «انْتِظَارَ الْفَرَجِ عِبَادَةٌ».
نقول
القول فيهما كالقول في الحديث السبق، أي أن انتظار الفرج أمر عام وليس مرتبطاً بالضرورة
بانتظار مهديٍّ حيٍّ غائبٍ.
الحديث الرابع:
مرويٌّ عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْكَابُلِيِّ الذي كان شاكّاً في إمامة علي بن الحسين (أي إمام الشيعة الرابع) أي شاكاً بينه بين محمد بن الحنفية(الوارد في كتب الرجال أن أبا خالد الكابلي كان يخدم محمد بن الحنفية دهراً وما كان يشك في أنه إمام، حتى أتاه ذات يوم فقال له جعلت فداك! إن لي حرمةً ومودةً وانقطاعاً فأسألك بحرمة رسول الله وأمير المؤمنين إلا أخبرتني أنت الإمام الذي فرض الله طاعته على خلقه؟؟ قال، فقال: يا أبا خالد حلَّفْتَ-ني بالعظيم، الإمام علي بن الحسين (ع) عليَّ وعليك وعلى كل مسلم. عند ذلك صار أبو خالد الكابلي إلى القول بإمامة علي بن الحسين (زين العابدين). انظر رجال الكشي (ص 120-121).)،
ومتن روايته يقول:
«المُنْتَظِرُونَ لِظُهُورِهِ أَفْضَلُ أَهْلِ كُلِّ زَمَانٍ لأنَّ اللهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَعْطَاهُمْ مِنَ الْعُقُولِ والأفْهَامِ والمَعْرِفَةِ مَا صَارَتْ بِهِ الْغَيْبَةُ عِنْدَهُمْ بِمَنْزِلَةِ المُشَاهَدَةِ».
نقول :
إن اعتباره «المنتظرين» أَفْضَلَ أَهْلِ كُلِّ زَمَانٍ مبالغةٌ وإغراقٌ، فقد جعلهم بذلك أفضل حتى من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم!
وهذا إغراق وكذب يخالف آيات القرآن ولا يمكن لعاقل أن يقول به فضلاً عن الإمام
الحديث الخامس:
راويه علي بن إبراهيم القمي القائل بتحريف القرآن وآخرون أمثاله، وأما متنه ففي البداية ينسب الرواة إلى الإمام الباقر (ع) أنه يوصي أصحابه قائلاً:
«..واكْتُمُوا أَسْرَارَنَا ».
فأقول: ليس من المعلوم ما هي أسرارهم؟
فإن كانت أموراً دينيّة أي من عقائد الدين وأحكامه فإن كتمانها حرام وكل من يكتم أحكام الله فإنه يستوجب اللعن من الله
كما قال تعالى في سورة البقرة:
﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ﴾ (البقرة/159)
إضافة إلى أن أحكام الدين ليست من الأسرار بل لا بد من إعلانها على نحو متساو لجميع الناس كما قال تعالى في سورة الأنبياء: ﴿...فَقُلْ آذَنتُكُمْ عَلَى سَوَاء...﴾ (الأنبياء/109)،
وبناء عليه فلم يبلّغ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئاً على نحو سري لأحد.
ثم يواصل الإمام الباقر كلامه – حسب ما تنسبه إليه الرواية – فيقول:
«وانْظُرُوا أَمْرَنَا ومَا جَاءَكُمْ عَنَّا فَإِنْ وَجَدْتُمُوهُ فِي الْقُرْآنِ مُوَافِقاً فَخُذُوا بِهِ وإِنْ لَمْ تَجِدُوا مُوَافِقاً فَرُدُّوهُ».
أقول: وهذا أمر صحيح لكن للأسف كثير من الشيعة لا يطبّقونه فتجد في كتبهم كثيراً من الأمور المخالفة للقرآن.
ثم بعد هذا الكلام الصحيح تنتهي الرواية بأمر مهمل وخرافي حيث تقول:
«.. فَإِذَا كُنْتُمْ كَمَا أَوْصَيْنَاكُمْ ولَمْ تَعَدَّوْا إِلَى غَيْرِهِ فَمَاتَ مِنْكُمْ مَيِّتٌ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ قَائِمُنَا كَانَ شَهِيداً ومَنْ أَدْرَكَ قَائِمَنَا فَقُتِلَ مَعَهُ كَانَ لَهُ أَجْرُ شَهِيدَيْنِ...الخ».
ونقول في الإجابة:
لقد بيّن الله تعالى في كتابه أوصاف الشهيد وقد استُشهِد كثير من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دون أن يكون لهم أي خبر عن الوصيّ والقائم الخيالي الموهوم.
إن كل من بذل روحه وماله خالصة لِ-لَّهِ وفي سبيل الله وجاهد واستشهد فإن منزله الجنة سواء عمل بوصية كتم الأسرار تلك وانتظار خروج القائم أم لا،
كما قال تعالى في سورة التوبة: ﴿إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ المُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَ-هُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ﴾ (التوبة/111).
وقال كذلك في سورة الحديد: ﴿وَالَّذِينَ آَمَنُوا باللهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ (الحديد/19).
إذن كل من آمن بالله ورسله إيماناً صادقاً وانعكس ذلك بأن كان عمله واعتقاده مطابقين للقرآن الكريم هو من أهل النجاة ولا علاقة لهذا الموضوع بالمهدي. نعم،
إن الحديث المذكور وأمثاله من الأحاديث التي تؤدي إلى الاغترار هي من الموضوعات. إن القرآن الكريم بيّن آثار كل عمل خيراً كان أم شراً
ففي سورة الزلزلة يقول تعالى: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ (الزلزلة/7و
.
فقانون الثواب والجزاء الإلهي ليس اعتباطياً ودون حساب بحيث أن مجرّد كون الشخص شيعياً يضمن له الذهاب إلى الجنة، بل حساب الله دقيق
حتى أنه سبحانه يقول: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّ-رَّاءُ وَزُلْزِلُوا..........﴾ (البقرة/214). فالقول بأن كل من كان من شيعة الأئمة ومات قبل خروج القائم دخل الجنة خيال باطل.
الحديث السادس:
سنده عَنِ الْعَمْرَكِيِّ والْبُوفَكِيِّ وكلاهما من الغلاة (هذا من أوهام المؤلف ربما بسبب اعتماده على ذاكرته، فالواقع أنهما ليسا شخصين بل شخص واحد هو الْعَمْرَكِيِّ الْبُوفَكِيِّ كما في أصل نص الحديث في كتاب بحار الأنوار حيث لا وجود لواو العطف بينهما، هذا من جهة ومن الجهة الأخرى لم أرَ من وصف الْعَمْرَكِيِّ الْبُوفَكِيِّ بأنه من الغلاة، بل على العكس وصفته جميع كتب الرجال بأنه ثقة. مثلاً قال عنه النجاشي في رجاله (ص303): «العمركي بن علي أبو محمد البوفكي وبوفك قرية من قرى نيشابور. شيخ من أصحابنا، ثقة، روى عنه شيوخ أصحابنا...». وبمثل ذلك قال ابن داود الحليّ في رجاله (ص 147) والعلامة الحلي في الخلاصة (ص 227).
عَنِ «الحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ» وهو ذاته ممن لا يؤمن بالإمام الثاني عشر لأنه كان فَطَحياً مشهوراً.
وأما متن الحديث فلا يعدو تلاعباً بآيات القرآن لأنه يقول في تفسير الآية 29 من سورة الرعد أي قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَ-هُمْ وَحُسْنُ مَآَبٍ﴾ (الرعد/29):
«عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: قَالَ الصَّادِقُ (ع)
طُوبَى لِمَنْ تَمَسَّكَ بِأَمْرِنَا فِي غَيْبَةِ قَائِمِنَا فَلَمْ يَزِغْ قَلْبُهُ بَعْدَ الْهِدَايَةِ فَقُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ! ومَا طُوبَى؟
قَالَ: شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ أَصْلُهَا فِي دَارِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (ع) ولَيْسَ مِنْ مُؤْمِنٍ إِلا وفِي دَارِهِ غُصْنٌ مِنْ أَغْصَانِهَا
وذَلِكَ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وجَلَّ طُوبى لَهُمْ وحُسْنُ مَآبٍ ».
نقول :
لاحظوا بالله عليكم كيف يتلاعب هؤلاء الغلاة بمعاني آيات القرآن ويفسّرون الآية الواضحة التي لا علاقة لها بالمهدي بهذا الأمر
. فالله تعالى يقول: ﴿آمنوا وعملوا الصالحات﴾ بشكل عام وهم يفسّرونها بأن المقصود منها من تمسّك بأمر الأئمة في غيبة قائمهم فقط!.
الحديث السابع:
«قَالَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ (ع)
انْتَظَرُوا الْفَرَجَ ولا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ فَإِنَّ أَحَبَّ الأعْمَالِ إِلَى اللهِ عَزَّ وجَلَّ انْتِظَارُ الْفَرَجِ ». وأقول: هذا أمر صحيح ولكن لا علاقة له بالمهدي.
الحديث الثامن:
يرويه أبو الجارود الذي قال عنه الإمام إنه أعمى في الدنيا والآخرة(انظر رجال الطوسي، تصحيح وتعليق: ميرداماد الأسترابادي، ج2/ص495. وفيه : «عن أبي أسامة، قال، قال لي أبو عبد الله عليه السلام: ما فعل أبو الجارود؟! أما والله لا يموت إلا تائها.» و«عن أبي بصير، قال: ذكر أبو عبد الله عليه السلام كثير النواء، وسالم بن أبي حفصة، وأبا الجارود، فقال: كذابون مُكَذَّبون كفار عليهم لعنة الله، قال قلت: جعلت فداك كذابون قد عرفتهم فما معنى مُكَذَّبون؟ قال: كذابون ي).
مثل هذا الراوي يأتينا برواية مخالفة للقرآن فيقول: «عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (ع)
قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم ذَاتَ يَوْمٍ وعِنْدَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ اللهُمَّ لَقِّنِي إِخْوَانِي مَرَّتَيْنِ فَقَالَ مَنْ حَوْلَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ أَ مَا نَحْنُ إِخْوَانَكَ يَا رَسُولَ اللهِ!
فَقَالَ: لا إِنَّكُمْ أَصْحَابِي وإِخْوَانِي قَوْمٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ آمَنُوا ولَمْ يَرَوْنِي لَقَدْ عَرَّفَنِيهِمُ اللهُ بِأَسْمَائِهِمْ وأَسْمَاءِ آبَائِهِمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُخْرِجَهُمْ مِنْ أَصْلابِ آبَائِهِمْ وأَرْحَامِ أُمَّهَاتِهِمْ... ».
أقول: ولكن الله تعالى قال لرسوله في القرآن الحكيم: ﴿قُلْ... وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ﴾ (الأحقاف/9)
كما أنه لما جاءه ابن أم مكتوم الضرير يسعى وكان صلى الله عليه وآله وسلم مشغولاً بدعوة كبار قريش فعبس وتولى عنه عاتبه ربه تعالى قائلاً: ﴿وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى. أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى﴾(عبس/3-4).
كما قال تعالى لنبيه في سورة التوبة: ﴿وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ المَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ....﴾ (التوبة/101).
وبناء على ذلك، فليس من وظيفة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يعلم السعداء من الأشقياء بل وظيفته الإبلاغ والبشارة والإنذار
كما قال تعالى:﴿قُلْ.......... إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ (الأعراف/188).
الحديث التاسع:
مرويّ عن دَاوُدَ بْنِ كَثِيرٍ - الغالي(قال عنه ابن الغضائري في رجاله (ص 58): « داوود بن كثير بن أبي خالد، الرقي [أو البرقي]، مولى بني أسد. يروي عن أبي عبد الله (ع). كان فاسد المذهب، ضعيف الرواية، لا يُلتَفَت إليه»)). –
«عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (ع) فِي قَوْلِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ قَالَ مَنْ أَقَرَّ بِقِيَامِ الْقَائِمِ أَنَّهُ حَقٌّ».
نقول:
ينبغي أن نسأل هذا الراوي: يا تُرى إذا ظهر المهدي ولم يعد غيباً فكيف عندئذ سيؤمن المؤمنون بالغيب, وهل يبقى لهذه الآية معنى، ألا تصبح عندئذ لغواً والعياذ بالله؟!
لاحظوا أي خرافات يتحفنا بها الغلاة في تأويلهم للقرآن. وعلى كل حال فالمفسّرون مجمعون على أن المراد من الغيب في هذه الآية هو الله عز وجل كما تكرر ذلك المعنى في القرآن مراراً.
الرواية العاشرة: مثلها مثل التاسعة، ومن رواة سندها الأسَدِيُّ عَنِ النَّخَعِيِّ عَنِ النَّوْفَلِيِّ والثلاثة ضعفاء أو من الغلاة وهؤلاء الرواة المجروحون رووا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ الواقفي - الذي لا يؤمن أصلاً بالإمام الثاني عشر-
قال: «عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ سَأَلْتُ الصَّادِقَ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ (ع) عَنْ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ الم ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ فَقَالَ المُتَّقُونَ شِيعَةُ عَلِيٍّ (ع) والْغَيْبُ فَهُوالْحُجَّةُ الْغَائِبُ».
أقول: هل يُعقَل أن ينقل هؤلاء الغلاة عن الإمام الصادق تفسيره للغيب بأنه الحجة الغائب وفي الوقت ذاته يكون هؤلاء الغلاة ممن لا يؤمن بهذا الحجة الغائب؟!
والعجيب أن الإمام الصادق يستشهد في تتمة الرواية– حسب ادعاء الرواة – على صحة تفسيره بقوله:
«وشَاهِدُ ذَلِكَ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وجَلَّ ويَقُولُونَ لَولا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِ-لَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ فَأَخْبَرَ عَزَّ وجَلَّ أَنَّ الآيَةَ هِيَ الْغَيْبُ والْغَيْبُ هُوالْحُجَّةُ»
مع أن الآية لا علاقة لها أصلاً بالمهدي!
فينبغي أن نقول لو كان لهؤلاء الغلاة دين وخوف من الله لما تلاعبوا هكذا بآيات الله.
الحديثان 11 و12:
تكرار لموضوع الحديثين 2 و3
ذاته ومفهومهما عام لا علاقة له بالمهدي.
الحديث 13: يرويه علي بن إبراهيم الذي يعتقد بتحريف القرآن،
عن شخص مجهول باسم بسطام بن مرة عن عمرو بن ثابت الذي تلعنه الشيعة وتعتبره عثمانياً، فلاحظوا ما هي قيمة مثل هذه الرواية؟
وأما متنها فقد روى هؤلاء الوضّاعون عن سيد العابدين أنه قال: «مَنْ ثَبَتَ عَلَى وَلايَتِنَا فِي غَيْبَةِ قَائِمِنَا أَعْطَاهُ اللهُ أَجْرَ أَلْفِ شَهِيدٍ مِثْلِ شُهَدَاءِ بَدْرٍ وأُحُدٍ». ولا نملك إلا أن نقول لعنة الله على الغلاة الكذابين.
الأحاديث من 14 إلى 16: منقولة عن كتاب المحاسن للبرقي
الذي كان ذاته شاكاً في أمره، وقد أتحفنا بنسبته إلى الإمام الصادق أنه قال: «مَنْ مَاتَ مِنْكُمْ عَلَى هَذَا الأمْرِ مُنْتَظِراً لَهُ كَانَ كَمَنْ كَانَ فِي فُسْطَاطِ الْقَائِمِ (ع) ».
فبالله عليكم هل هذا يُعَدّ حديثاً؟! وماذا نقول لهؤلاء الوضاعين؟
عندما يكون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو ختام النبيين تابعاً للوحي ولا يملك الحق أن يضيف على الدين شيئاً أو أن ينقص منه ولو تقوّل على الله قولاً لسُئل عنه
كما قال تعالى: ﴿قُلْ........ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ﴾ (الأحقاف/9)، و﴿قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ (الأنعام/15)،
و﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ﴾ (الحاقة/44و45و46)
، فكيف يمكن لأحد أن يشرع أموراً زائدة لم تكن في زمنه صلى الله عليه وآله وسلم؟
ونقول في الإجابة عن هذه الأقاويل المهملة للغلاة:
أولاً: الإمام لا يوحى إليه فلا يمكن أن يخترع أموراً في الدين من عند نفسه لاسيما إذا كانت تلك الأمور مخالفة للقرآن.
وثانياً: لقد جعل القرآن الكريم النجاة والسعادة رهينة بإيمان الإنسان وعمله الصالح، فقال سبحانه:
﴿لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا﴾ (النساء/123)،
فبناء عليه مجرد الوجود في فسطاط القائم لا يؤمن النجاة لأحد!
الحديثان السابع عشر والثامن عشر:
تكرار للمضامين المذكورة في الحديث السابق ذاتها والمنقولة عن كتاب المحاسن للبرقي الشاكّ.
الحديث التاسع عشر:
يروي عن الإمام الصادق أنه قال:
«لَمَّا دَخَلَ سَلْمَانُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ الْكُوفَةَ ونَظَرَ إِلَيْهَا ذَكَرَ مَا يَكُونُ مِنْ بَلائِهَا حَتَّى ذَكَرَ مُلْكَ بَنِي أُمَيَّةَ والَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ ثُمَّ قَالَ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَالْزَمُوا أَحْلاسَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى يَظْهَرَ الطَّاهِرُ بْنُ الطَّاهِرِ الْمُطَهَّرِ ذُوالْغَيْبَةِ الشَّرِيدُ الطَّرِيدُ».
نقول :
أولاً: لعلّه يقصد الإمام علي بن أبي طالب (ع).
ثانياً: لم يكن سلمان عالماً بالغيب.
وثالثاً: ماعلاقة هذه الرواية بالمهدي الحي الغائب؟
الحديث العشرون: في سنده عمار الساباطي الذي كان فطحيّاً، لا يعتقد بالإمام الثاني عشر أصلاً، فمن العجيب أن يؤتى بقوله للاحتجاج على ثبوت المهدي. ثم إن متن الحديث يشهد بكذبه وغلوه، حيث فيه: «....أَمَا واللهِ يَا عَمَّارُ!
لا يَمُوتُ مِنْكُمْ مَيِّتٌ عَلَى الْحَالِ الَّتِي أَنْتُمْ عَلَيْهَا إِلا كَانَ أَفْضَلَ عِنْدَ اللهِ عَزَّ وجَلَّ مِنْ كَثِيرٍ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْراً وأُحُداً فَأَبْشِرُوا .»
نقول :
من هذا يتبين أن كثيراً من أولئك من أولئك الرواة لم يكن لهم همٌّ سوى الإنقاص من قدر ومنزلة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وينبغي أن يُقال في الرد عليهم إن الله تعالى أنزل أكثر من مائة آية في كتابه العزيز في مدح وتمجيد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وشهد لهم بأنهم مؤمنون حق الإيمان
فقال: ﴿أُولَئِكَ هُمُ المُؤْمِنُونَ حَقًّا﴾ (الأنفال/74)،
وجعلهم أسوةً وقدوةً للآخرين فأوجب على الجميع اتِّباعهم بإحسان كما قال سبحانه:
﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَ-هُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ (التوبة/100).
الحديثان 21 و22:
كالحديثين 2 و3 [بيان لفضيلة انتظار الفرج] كما ليس لمتنهما أي ارتباط بالمهدي الحي الغائب.
وفي الحديث 22 استشهد الراوي الوضاع بالآية ﴿فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ المُنْتَظِرِينَ﴾ (الأعراف/71)
على مقصده والذي بينا في تعليقنا على الحديث العاشر أن مثل هذا الاستشهاد بالآيات على غير معناها ليس سوى لعب بآيات الكتاب.
الحديث 23:
في سنده «سَهْلُ بْنُ زِيَادٍ»الكذَّاب الذي يتفق جميع علماء فن الرجال على تكذيبه(انظر مثلا قول النجاشي عنه في رجاله (ص 185): «490 - سهل بن زياد أبو سعيد الآدمي الرازي: كان ضعيفاً في الحديث، غير معتمد فيه. وكان أحمد بن محمد بن عيسى يشهد عليه بالغلو والكذب وأخرجه من قم إلى الري وكان يسكنها».))، ومتن الرواية لا ربط له بالمهدي وأما الآية التي استشهد بها فقد بينا في تعليقنا على الحديث العاشر عدم ارتباطها بالموضوع.
الحديث 24:
في سنده «عَنِ الأسَدِيِّ عَنِ النَّخَعِيِّ عَنِ النَّوْفَلِيِّ» والثلاثة إما ضعفاء ومجروحون أو من الغلاة ولا ينبغي الاعتناء بروايتهم.
الحديث 25:
اثنان من رجال سنده أي «أَيْمَنَ بْنِ مُحْرِزٍ» و«مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ» مجهولا الحال.
الحديثان 26 و27:
متنهما لا يخلو من إغراق ومغالاة، ففيه يُنسَب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قوله: «سَيَأْتِي قَوْمٌ مِنْ بَعْدِكُمْ الرَّجُلُ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ لَهُ أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْكُمْ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ! نَحْنُ كُنَّا مَعَكَ بِبَدْرٍ وأُحُدٍ وحُنَيْنٍ ونَزَلَ فِينَا الْقُرْآنُ فَقَالَ إِنَّكُمْ لَو تَحَمَّلُوا [تُحَمَّلُونَ]
لِمَا حُمِّلُوا لَمْ تَصْبِرُوا صَبْرَهُمْ ». إضافةً إلى أنه لا علاقة لهذا المتن بالمهدي الغائب. يُضاف إلى ذلك أن أحد رجال سند الحديث 27 هو «عُثْمَانُ بْنُ عِيسَى» الذي كان واقفياً [بل شيخ الواقفة] واستولى على أموال الإمام موسى بن جعفر [ولم يدفعها إلى الإمام الرضا](انظر مثلا قول النجاشي في رجاله (ص 300) عنه: «817- عثمان بن عيسى أبو عمرو العامري الكلابي... كان شيخ الواقفة ووجهها، وأحد الوكلاء المُسْتَبِ-دِّين بمال موسى بن جعفر عليه السلام)،
والرجل الثاني في السند هو «أَبو الْجَارُود» الذي سبق أن بينا أن الإمام دعا عليه ووصمه بأنه أعمى الدنيا والآخرة.
وليت شعري! هل يروي مثل هؤلاء الرواة الفاسدين شيئاً سوى ما فيه إضلال الناس؟
الأحاديث من 28 إلى 33:
مماثلة كلُّها للحديثين 2 و3ومفهومها عام ولا علاقة لها بإثبات المهدي، إضافة إلى أن في أسانيدها رواةٌ مجهولو الحال أو غلاة أو شاكين في أمر عقيدتهم كالبرقي.
الحديث 34: راويه «الْفَضْل بْن أَبِي قُرَّةَ» ضعيفٌ ومتنه يتعارض مع قوله تعالى ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ (الأنعام/164) لأنه ينسب إلى الإمام الصادق قوله:
«أَوْحَى اللهُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ سَيُولَدُ لَكَ فَقَالَ لِسَارَةَ فَقَالَتْ: ﴿أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ؟!﴾ (هود/72) فَأَوْحَى اللهُ إِلَيْهِ أَنَّهَا سَتَلِدُ ويُعَذَّبُ أَوْلادُهَا أَرْبَعَمِائَةِ سَنَةٍ بِرَدِّهَا الْكَلامَ عَلَيَّ! قَالَ: فَلَمَّا طَالَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ الْعَذَابُ ضَجُّوا وبَكَوْا إِلَى اللهِ أَرْبَعِينَ صَبَاحاً فَأَوْحَى اللهُ إِلَى مُوسَى وهَارُونَ يُخَلِّصُهُمْ مِنْ فِرْعَوْنَ فَحَطَّ عَنْهُمْ سَبْعِينَ ومِائَةَ سَنَةٍ!».
وبمعزل عن فساد المتن، ما علاقة هذا الحديث بإثبات المهدي الغائب؟؟
الحديث 35:
يرويه «العيّاشي» الذي كان شخصاً قليل العلم [وكثير الرواية عن الضعفاء] وكان يفسر القرآن طبقاً لقلة علمه وخرافاته،
وقد فسر الآية 77 من سورة النساء التي تتحدث عن المنافقين الذين كانوا بين المسلمين قبل أن ينزل الإذن بالقتال أي عندما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوصى أصحابه بأن [يصبروا ويتحملوا الأذى و]
يكفوا أيديهم عن القتال، فكان بعض هؤلاء يظهرون الشوق إلى قتال الكفار والرغبة به، لكنهم لما أذن الله بالقتال في المدينة خافوا من الناس وتحجّجوا بحجج وأعذار مختلفة ليمتنعوا عن الجهاد
كما قال تعالى:
﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَ-هُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا﴾ (النساء/77).
فأقول: رغم أن معنى الآية واضح كما بينَّاه، ورغم أن الأفعال التي وردت فيها مثل «قيل» و«كُتبَ» و«قالوا» كلها أفعال ماضية ولا علاقة لها بالمهدي،
رغم ذلك نجد العياشي يعتبر أن المقصود من فعل «كُتِبَ» الماضي هو الإمام الحسين الآتي في المستقبل! وأن المقصود من «قالوا ربنا... لَوْلَا أَخَّرْتَنَا»
الماضي هو التأخير إلى زمن القائم!! أفليس هذا لعب بآيات القرآن؟
لاحظوا نص الحديث:
«عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (ع) فِي قَوْلِهِ أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَ-هُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وأَقِيمُوا الصَّلاةَ وآتُوا الزَّكاةَ إِنَّمَا هِيَ طَاعَةُ الإمَامِ فَطَلَبُوا الْقِتَالَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمْ مَعَ الْحُسَيْنِ قَالُوا رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ ونَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَرَادُوا تَأْخِيرَ ذَلِكَ إِلَى الْقَائِمِ (ع»)
ولم يستح أولئك الرواة أن ينسبوا هذا التفسير إلى الإمام الباقر (ع) ويبدو أنهم كانوا يتصورون أن الإمام مثلهم لا يفقه اللغة العربية.
والأمر ذاته نجده في تأويل العياشي للآية 44 من سورة إبراهيم بإمام الزمان مع أنها تتحدث عن القيامة ولا علاقة لها بإمام الزمان من قريب ولا من بعيد. وفيما يلي نأتي بالآية وتأويلهم لها ليتضح عمل هؤلاء الوضاعين أكثر
يقول تعالى: ﴿وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ﴾ (إبراهيم/44).
أقول: فمن الواضح [من سياق الآيات] تماماً أن قول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجلٍ قريب يتعلق بيوم القيامة، ولا ارتباط له من قريب ولا من بعيد بمهدي منتظر،
ورغم ذلك نجد العيّاشي يستشهد بهذه الآية ويروي في الحديث المذكور: «عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (ع)...
قَالُوا رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ ونَتَّبِعِ الرُّسُلَ : أَرَادُوا تَأْخِيرَ ذَلِكَ إِلَى الْقَائِمِ (ع)!!».وليت شعري هل يعتبرون المهدي من الرسل حتى أوَّلوا الآية به على هذا النحو؟!
الأحاديث من 36 إلى 38 :
كالحديثين 26 و27 لا يتضمن متنهما سوى المغالاة ولا علاقة لها بإثبات مهدي غائب حي.
الحديث 39:
راويه «يمان التمّار» مهمل ولا ذكر له في كتب الرجال، ولكن الممقاني أراد من خلال هذا الخبر أن يعتبره حسن الحال في حين أن الأصل أن يكون حاله معلوماً [وأن توجد بحقه تزكية] بقطع النظر عن روايته لهذا الخبر.
وأما متن الخبر فيقول:«عَنْ يَمَانٍ التَّمَّارِ قَالَ قَالَ أَبُوعَبْدِ اللهِ (ع): إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الأمْرِ غَيْبَةً الْمُتَمَسِّكُ فِيهَا بِدِينِهِ كَالْخَارِطِ لِشَوْكِ الْقَتَادِ بِيَدِهِ ثُمَّ أَوْمَأَ أَبُوعَبْدِ اللهِ (ع) بِيَدِهِ هَكَذَا قَالَ فَأَيُّكُمْ تُمْسِكُ شَوْكَ الْقَتَادِ بِيَدِهِ ثُمَّ أَطْرَقَ مَلِيّاً ثُمَّ قَالَ إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الأمْرِ غَيْبَةً فَلْيَتَّقِ اللهَ عَبْدٌ عِنْدَ غَيْبَتِهِ ولْيَتَمَسَّكْ بِدِينِهِ».
وأقول: ما المقصود من كلمة الدين في قوله: «وليتمسَّك بدينه»؟
إذا كان المقصود دين الكتاب والسنّة فهذا لا يتعلق بأمر المهدي بل كل مسلم مأمور أن يتمسك بالكتاب والسنة وبالطبع فإن التمسك بالدين يستتبع تحمل الإنسان للمصاعب والمكاره والمشقات ومجاهدة أهواء النفس وكل هذا أمر عام لا علاقة له بإثبات المهدي.
الحديث 40: في سنده «علي بن أبي حمزة البطائني» الواقفي الذي لا يؤمن بش-يء اسمه الإمام الثاني عشر. وأما متنه فألغاز وأحاجي مع أن وظيفة الإمام هي الهداية والإرشاد لا طرح الألغاز.
الحديث 41: في سنده «أبو الجارود» أعمى البصر والبصيرة، أي الأعمى في الدنيا والآخرة حسبما ورد عن الإمام الصادق في حقه، وأما متن الحديث فمخالف للعقل وللقرآن إذ يقول: «عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (ع)
قال:....... واعْلَمْ أَنَّهُ لا تَقُومُ عِصَابَةٌ تَدْفَعُ ضَيْماً أَوتُعِزُّ دِيناً إِلا صَرَعَتْهُمُ الْبَلِيَّةُ حَتَّى تَقُومَ عِصَابَةٌ شَهِدُوا بَدْراً مَعَ رَسُولِ اللهِ لا يُوَارَى قَتِيلُهُمْ ولا يُرْفَعُ صَرِيعُهُمْ ولا يُدَاوَى جَرِيحُهُمْ قُلْتُ مَنْ هُمْ قَالَ المَلائِكَةُ »
وأقول: ينبغي على القارئ الكريم أن يتأمل جيداً هذه الروايات ليدرك حجم خرافات المجلسيّ.
الحديث 42:
في سنده «مُحَمَّدُ بْنُ الحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ» أحد الكذّابين والوضّاعين(انظر مثلا ما قاله عنه العلامة الحلي في رجاله (ص251): «18- محمد بن الحسن بن جمهور العمِّيّ عربي بصري روى عن الرضا عليه السلام كان ضعيفاً في الحديث غالياً في المذهب فاسداً في الرواية لا يلتفت إلى حديثه ولا يعتمد على ما يرويه)،
وفي سنده أيضاً «أبو الجارود» الذي ذمه الإمام كما مر، وأما متن الحديث فتلفيق خيالي.
الأحاديث من 43 إلى 49 كلها في الأمر بالصمت وكف الألسنة والابتعاد عن الفتن ولزوم البيوت، ولا تثبت مهدياً حياً غائباً، إضافة إلى أن معظم رواتها من الكذابين أو الغلاة،
وفي الخبر 48 نهيٌ لسادات أهل البيت عن الثورة والنهوض حيث يُنسب إلى الإمام الباقر قوله: «مَثَلُ مَنْ خَرَجَ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ قَبْلَ قِيَامِ الْقَائِمِ مَثَلُ فَرْخٍ طَارَ ووَقَعَ فِي كُوَّةٍ فَتَلاعَبَتْ بِهِ الصِّبْيَانُ».
الأحاديث من 50 إلى 57
تكرار للأحاديث السابقة وفي أسانيدها رواةٌ من الواقفة أو من الخرافيين أو من الكذابين المشهورين مثل «سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ». وقد تم الاستشهاد في الروايتين 53 و57 بقوله تعالى في سورة الإسراء
: ﴿يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا﴾ (الإسراء/71)
مع أن الآية لا علاقة لها بالمهدي ولا تثبت وجوده [وغيبته].
الحديث 58:
نقله المجلسيُّ عن كتاب «الكافي» بسنده عَنْ الإمام الصادق (ع)
قَالَ: «كُلُّ رَايَةٍ تُرْفَعُ قَبْلَ قِيَامِ الْقَائِمِ (ع) فَصَاحِبُهَا طَاغُوتٌ يَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ»!.
أقول: إذن بناء على هذه الرواية ينبغي أن نقول للسادة الذين نهضوا في زماننا واعتبروا أنفسهم نواباً للإمام: إن كنتم تقبلون بصحة هذه الروايات فإنكم ستكونون طواغيت لا يواقيت!
الحديث 59:
هو حديث اللوح الذي نسبوه إلى جابر بن عبد الله الأنصاري مع أن روحه بريئة منه ولا علم له به وقد أوردنا في كتابنا «كسر الصنم» وكتابنا «الخرافات الوافرة في زيارات القبور» 28 دليلاً على كذب هذا الحديث فلتراجع ثمة.
ومن أهم الدلائل على كذبه أنه يقول إن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أحضر اللوح لما احتض-ر الإمام محمد بن علي الباقر (ع) وكان على فراش الموت
، فقرأه في حضور الإمام الصادق والإمام زيد بن علي عليهما السلام هذا في حين أن جابر بن عبد لله توفي سنة 74 ه- في حين أن احتضار الإمام الباقر ووفاته كانت سنة 117 ه- أي بعد 40 سنة من وفاة جابر!!
ألا لعنة الله على الكاذبين.
الحديث 60:
كالحديث التاسع وفيه تلاعب بمعنى آية من القرآن وتفسيرها بغير ما تدل عليه!
الحديث 61:
منقول عن تَفْسِيرِ النُّعْمَانِيِّ، قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (ع)
قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم : «يَا أَبَا الحَسَنِ! حَقِيقٌ عَلَى اللهِ أَنْ يُدْخِلَ أَهْلَ الضَّلالِ الجَنَّةَ!! وإِنَّمَا عَنَى بِهَذَا المُؤْمِنِينَ الَّذِينَ قَامُوا فِي زَمَنِ الْفِتْنَةِ عَلَى الائْتِمَامِ بِالإمَامِ الخَفِيِّ المَكَانِ المَسْتُورِ عَنِ الأعْيَانِ فَهُمْ بِإِمَامَتِهِ مُقِرُّونَ وبِعُرْوَتِهِ مُسْتَمْسِكُونَ ولِخُرُوجِهِ مُنْتَظِرُونَ مُوقِنُونَ غَيْرُ شَاكِّينَ صَابِرُونَ مُسْلِمُونَ وإِنَّمَا ضَلُّوا عَنْ مَكَانِ إِمَامِهِمْ وعَنْ مَعْرِفَةِ شَخْصِهِ.. الخ».
وأقول: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منزَّهٌ وأجل وأكرم من أن يقول:
حَقِيقٌ عَلَى اللهِ أَنْ يُدْخِلَ أَهْلَ الضَّلالِ الْجَنَّةَ!!
ويترك الكلام هكذا مبهما حتى يأتي الراوي ليفس-ره بعد ثلاثمئة عام!!
الحديث 62: في سنده «أحمد بن هلال» الخبيث والملعون والذي كان صوفيّاً مرائياً ومتصنِّعاً(جاء في رجال الكشي (ص 535-536): «ورد على القاسم بن العلا نسخة ما خرج من لعن ابن هلال، وكان ابتداء ذلك، أن كتب (ع) إلى قوامه بالعراق احذروا الصوفي المتصنع قال، وكان من شأن أحمد بن هلال أنه قد كان حج أربعا وخمسين حجة، عشرون منها على قدميه، قال، وكان رواه أصحابنا بالعراق لقوه وكتبوا منه، وأنكروا ما ورد في مذمته، فحملوا القاسم بن العلا على أن يراجع في أمره فخرج إليه قد كان أمرنا نفذ إليك في المتصنع ابن هلال لا رحمه الله، بما قد علمت لم يزل لا غفر الله له ذنبه ولا أقاله عثرته يداخل في أمرنا بلا إذن منا ولا رضى، يستبد برأيه، فيتحامى من ديوننا، لا يمضى من أمرنا إلا بما يهواه ويريد، أراده)
وادعى النيابة عن المهدي وغم أن الشيعة تبرؤوا منه إلا أن محدثي الشيعة تمسكوا برواياته وأكثروا منها(كما قال عنه الشيخ الطوسي في الفهرست (ص 36) : «97- أحمد بن هلال العبرتائي: وعبرتاء قرية بنواحي بلد إسكاف وهو من بني جنيد، ولد سنة 180، ومات سنة 267ه-، وكان غالياً، متّهماً في دينه، وقد روى أكثر أصول أصحابنا.».)، إن هذا لشيء عجيب!
وقد روى عن الإمام الصادق رواية جاء فيها: «عَنْ رَجُلٍ قَالَ قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ (ع) أَيُّمَا أَفْضَلُ نَحْنُ أَوأَصْحَابُ الْقَائِمِ (ع)؟
قَالَ فَقَالَ لِي: أَنْتُمْ أَفْضَلُ مِنْ أَصْحَابِ الْقَائِمِ .... الحديث».
فأقول: إن هذا يناقض الأحاديث السابقة التي جاء فيها أن أصحاب المهدي القائم أفضل من الجميع بما في ذلك أصحاب رسول الله! فلاحظوا كيف يروون المتناقضات ولا يشعرون.
الحديث 63: عبارة عن جمل مأخوذة من نهج البلاغةولا علاقة لها على الإطلاق بالمهدي. هذا فضلاً عن أن أحاديث نهج البلاغة مرسلة. على كل حال جاء في هذا الحديث أن الإمام علي (ع)
قال لأصحابه: «الْزَمُوا الأرْضَ واصْبِرُوا عَلَى الْبَلاءِ ولا تُحَرِّكُوا بِأَيْدِيكُمْ وسُيُوفِكُمْ وهَوَى أَلْسِنَتِكُمْ ولا تَسْتَعْجِلُوا بِمَا لَمْ يُعَجِّلْهُ اللهُ لَكُمْ فَإِنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْكُمْ عَلَى فِرَاشِهِ وهُو عَلَى مَعْرِفَةِ رَبِّهِ وحَقِّ رَسُولِهِ وأَهْلِ بَيْتِهِ مَاتَ شَهِيداً وَوَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ....».
وينبغي القول: إن شأن عليٍّ (ع) أرفع وأعلىمن أن يقول مثل هذا الكلام. علاوة على أن هذا يتعارض مع الخطب الكثيرة المروية عن الإمام علي والتي يرغِّبَ فيها أصحابه بالجهاد ويأمرهم به. هذا فضلاً عن أن هذا الحديث لا علاقة به بالمهدي أبداً، ولا صلة له به. ونقول مرة أخرى: «الغريق يتشبث بكل حشيش».
الحديث 64:
راويه علي بن الحسن بن فضال الواقفي(هذا من أوهام المؤلف حيث خلط بين الواقفة والفطحية، فعلي بن الحسن بن فضال كان فطحياً ولم يكن واقفياً لذا لم يُذكر وصفه بأنه من الكلاب الممطورة في أيٍّ من كتب الرجال، إذ هي صفةٌ وصفوا بها الواقفة لا الفطحية (انظر رجال الكشي ص 460-461)، بل قد وثّقه أغلب رجاليِّي الشيعة رغم قولهم بفساد مذهبه إذ من المعروف أنه كان فطحيّاً، وقال بعضهم أنه رجع عن ذلك. مثلا قال عنه العلامة الحلي في رجاله (ص 37): «روى عن الرضا عليه السلام وكان خصيصا به وكان جليل القدر عظيم المنزلة زاهداً ورعاً ثقةً في رواياته» أما ابن داود الحليّ فقد ذكره في رجاله في قسم الضعفاء ربما لكونه فطحياً. وأما الفقيه محمد بن إدريس الحلي «رحمه الله» فقد طعن فيه طعناً شديداً في كتابه «السرائر» (ج1/ص495) وقال عنه في معرض تعليقه على روايتين مرسلتين: «وراوي أحدهما فطحي المذهب، كافر ملعون، وهو الحسن بن الفضال، وبنو فضال كلهم فطحية، والحسن رأسهم في الضلال..».)
والذي اعتبر من الكلاب الممطورة(قال الشيخ علي الخاقاني (1334ه-) في كتابه الرجالي بالمعروف ب- «رجال الخاقاني»: «الواقفية حال وقفهم يسمونهم الكلاب الممطورة تشبيها لهم بالكلاب المبتلة من المطر كل ذلك من التحاشي عنهم والتجنب لهم.». رجال الخاقاني، تحقيق السيد محمد صادق بحر العلوم، ط2، قم، مكتب الإعلام الإسلامي، 1404ه-، ص86.).
الأحاديث: من 65 إلى 70
جميعها تكرار للمبالغات والمغالاة التي مرت في الأحاديث السابقة فضلاً عن أن أسانيدها لا تخلو من رجال فاسدين ورواةٍ مجروحين.
الأحاديث من 71 إلى 75
تتعلق بمن فقدوا أحياناً إمامهم فلم يعرفوه أنه ماذا عليهم أن يفعلوا؟ والإمام يجيب بأن عليهم أن يتمسّكوا بالأمر الأول أي يعملوا بذات العقائد والأعمال التي كانوا عليها قبل فقدهم لإمامهم أو أن يدعو الله أن يثبّتهم على دينهم.
ولكن ينبغي أن نقول إن من كان إمامه القرآن فإنه لا يبقى بلا إمام في أي وقت من الأوقات ولا يفقد إمامه أبداً.
الحديث 76:
في سنده «علي بن أبي حمزة البطائني» واقفّي المذهب(انظر رجال النجاشي ص 36 حيث وصفه بأنه كان من وجوه الواقفة وانظر الفهرست للطوسي ص 96 ورجال العلامة الحلي ص 97 حيث وصفه بأنه «ضعيفٌ جداً».) [والضعيف] والذي لا يؤمن بإمام ثاني عشر من أساسه، وقد نسب للإمام الصادق أنه قال في تفسير قوله تعالى:
﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ المَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آَيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آَيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آَمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ﴾ (الأنعام/158)
وهي آيات واضحة المعنى ولا يوجد أي علاقة لها - كما هو مُلاحَظ - بالمهدي المنتظر ولكن الراوي ينقل عن الإمام الصادق ما يلي:
«قَالَ الصَّادِقُ جَعْفَرُ بْنَ مُحَمَّدٍ (ع) فِي قَوْلِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ
يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَو كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً قَالَ يَعْنِي يَوْمَ خُرُوجِ الْقَائِمِ المُنْتَظَرِ مِنَّا!»
ومن الواضح أن هذا التأويل يخالف معنى الآية تماماً.
ثم لماذا لا ينفع الناس إيمانهم إذا آمنوا يوم خروج القائم؟
أليس المهدي المنتظر – حسب قولكم –
إنما سيظهر لأجل أن يدعو الناس للإيمان؟! فإذا كان الهدف من ظهوره آخر الزمان نش-ر العدل والدعوة إلى الإيمان فكل من آمن عندئذٍ سينفعه إيمانه، وإلا ما الفائدة من قيام المهدي إذن؟!.
الحديث 77:
وهو آخر أحاديث الباب: يقول راويه:
«كَتَبْتُ إِلَى أَبِي الحَسَنِ (ع) أَسْأَلُهُ عَنِ الْفَرَجِ فَكَتَبَ إِلَيَّ إِذَا غَابَ صَاحِبُكُمْ عَنْ دَارِ الظَّالِمِينَ فَتَوَقَّعُوا الْفَرَجَ».
نقول:
أقول: هذه الإجابة غير صحيحة لأنه إذا كان المقصود من «صاحبكم» صاحب الزمان فإنه قد غاب منذ أكثر من ألف عام ولم يحصل الفرج. فكتابة هذا الحديث تدل على جهل رواته وكتبته.
وعلى كل حال فإني أرى أن دولة بني العباس الإسلامية كانت في ذلك الزمن دولة قوية وكانت الأمور صعبة بالنسبة إلى هؤلاء الرواة المعارضين لتلك الدولة فلم يكونوا قادرين على الاستفادة من تلك الدولة، لذا كانوا دائماً ينتظرون زوالها وأن يأتي شخص (قائم بالسيف)
ويثور بسيفه وأن تقع الدولة بيد العلويين كي يصل أولئك الرواة إلى هدفهم ويتمكنوا تحقيق منافعهم لذا كانوا يسألون الأئمة متى الفرج؟
متى يقوم قائمكم؟
فكان الأئمة يقولون «كذب الوقّاتون» وكانوا أحياناً يذكرون علامات لوقت الظهور وذلك لأجل تسلية أولئك المتشوقين وتسكين شوقهم، وكانت تلك العلامات تقع أحياناً دون أن تحصل ثورة أو أنها كانت علامات لا يمكن وقوعها مثل طلوع الشمس من المغرب والصيحة السماوية وأمثالها.
إلا أن الذي كان ينبغي أن يُقال لأولئك المنتظرين: أيها المساكين! ما يدريكم أنه لو قامت دولة العلويين لن يكون ظلمها أكثر من ظلم العباسيين؟؟
كما حصل ذلك فعلاً عندما وقع الحكم جزئياً بيد العلويين فكان ظلمهم وجورهم أكثر مما فعله بنو العباس مثل حكم زيد النار بن موسى بن جعفر الذي وصل إلى سدة الإمامة والرئاسة فكان يلقي معارضيه ومناوئيه في النار
حتى قال الناس رحمة الله على العباسيين! ومثل الحسن بن زيد الذي وصل إلى الإمامة والحكم في طبرستان وقتل كثيراً من السادات من بني أعمامه
، أو مثل الصفوية الذين كانوا أيضاً من العلويين وقتلوا مئات الآلاف من المسلمين في أماكن متعددة من جملتها المذبحة التي فعلوها في مدينة هرات واستولوا فيها على أموال المسلمين من أهلها ونهبوها، وكذلك ما فعلوه في شالداران وبغداد وسائر الأمكنة.
أجل، لقد كان الرواة في زمن الأئمة الذين يعدّون أنفسهم من الشيعة يتطلّعون إلى رئاسة العلويين ويتمنونها لأنهم يتصورون أنها ستكون تجسيداً للعدالة بل للعصمة
ولم يدروا أن تلك مجرد أحلام طوباوية وأن الحقيقة هي أنه لا يوجد أي بش-ر معصوم، ونأمل ألا يكون حال ذلك الذي ينتظر الشيعة ظهوره في المستقبل مثل حال من سبقوه بأن يسفك كثيراً من الدماء –
كما جاء في رواياتهم- حتى تصل الدماء إلى بطون الخيل وكل ذلك لأجل أن يحكم خمس أو سبع سنوات كما ذكروا في الروايات! فإذا كان الأمر كذلك فإن ما ينتظره الشيعة لن يكون فرجاً بل بلاءً ومصيبةً وضيقاً!!