ربي .. رقق قلبي وأنا أتلو قرآنك ، واجعل في كل ذرة من ذرات تكوينه أو أصغر أو أقل ، أذناً صاغية مستمعة ، واعية خاشعة ، ثم اجعل مع كل شعرة من شعيرات جسدي لساناً يُسبِّح بحمدك ، وينطق بالثناء عليك ، ويضرع بالدعاء بين يديك في ذلة الواهي الكليل ، فلولاك ما أتيت ، ولا صمت ولا صليت ، فمنك البدء وإليك المنتهى .
لولاك ما اهتاجني شجن إذا غرد يمام على فنن ، ولولاك ما برحني الشوق الطاهر البريء .. رضيني بقضائك رضاء المستمتع بمواقع القضاء لا رضاء العاجز المستسلم الذي لا يرده إلى الصبر إلاَّ العجز .. إنني بشر وعند قضائك تدمع العين ويجف القلب ولكني لا أقول ما يغضبك ، أو يخرجني عن حد الأدب معك إنني راضي مهما اعتورتني الأحاسيس البشرية فكل شيء إلى جانب حبك وعبوديتي لك يهون .
ربي .. ما نظر القلب يوماً إلاَّ إليك ، وما هفا على الخاطر أمل إلاَّ لديك فإن قبلتني فبرحمتك ، وإن رددتني فبعدلك ، ولك الأمر يا من وسعت رحمته كل شيء ويا من بعدله قامت السماوات والأرض فكل لحظة غفلت فيها عن ذكرك كانت هباء فاجعل لساني بذكرك رطباً لاهجاً ، واجعل لي من حماك ملجأً إذا ما ساورتني شياطين الإنس والجن .. واجعلني من عبادك الذين إذا غفلوا ذكروك فاستغفروك ومن عبادك الذين ليس لشيء عليهم سلطان سواك .. فمن أنا ؟ ومن
الكون ؟ ومن للوجودربي .. ما أسعدني أن تجعلني من عبادك الذين ليس للشيطان عليهم من سلطان ، وما أسعدني أن تهيئنا للدعاء على الحالة التي تجعلك قريبا تجيب دعوة الداع إذا دعاك .
إني أحوج خلقك إلى دعوتك ومناجاتك ، فهي حيلتي ووسيلتي ، لما اعلمه في لساني من قصور ، وفي عملي من تقصير ، فما لي مثلي من باب يلجه وصولا إليك إلاَّ الخضوع والدعاء والتذلل والمناجاة ، إن دعائي لنفسي لم يشغلني أبدا عن الدعاء لكل مسئول في الأمة الإسلامية أن تشرح صدورهم وأن تجنبهم دوافع القطيعة والاحتراب ، وأن تبصرهم ، بواقع أقدامهم ، وأن تنير بصائرهم ، بواقع أقدامهم ، وأن تنير بصائرهم حتى يتبينوا عدوهم من صديقهم ، واجمع على الحق كلمتهم في سبيل نصرة دينك .
ربي .. خلقتني فألزمنيالإخلاص في عبادتك ، ورزقتني فألهمني شكر نعمتك .. إن لم ترحم فمن يرحم سواك ؟ وإن لم تعن فمن يعين سواك ؟ وإن لم توفق فمن يوفق سواك ؟ أصرفنا عن النظر إلى غيرك لا اعتزالا للمجتمع ولا صدودا عن العمل حتى لا نخشى ولا نرجو ولا نرى ولا نسمع بشيء في هذا الوجود إلاَّ لك .. لئن عجز النظر – بحكمتك - عن استجلاء نورك ، فاجعل القلب كله نورا ، خفقاته نورا ، نبضاته نورا ، هو ذاته مضغة من النور ، وأصلحه يا رب حتى يصلح الجسد كله